الحمد لله، الحمد لله العلي الكبير، تعالى وتنزه عن الشبيه والنضير، والمعين والظهير (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)، أحمده سبحانه وأشكره أعطى الكثير، وتجاوز عن التقصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً خالصة مخلصة، أرجوا بها النجاة من عذاب السعير، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبد الله ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ذو القدر العليِّ، والشرف الكبير، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وعلى نهج حقه يسير، وسلَّم التسليم الكثير،. أما بعد:فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رحمكم الله، فإن الكرامة كرامة التقوى، والعزة عز الطاعة، والأنسِ أُنس الإحسان، والوحشة وحشة الإساءة، الحياة يا عبد الله، في مداومة الذكر، والعافية في موافقة الأمر، والنجاة في لزوم الكتاب والسنة والفوز لمن زحزح عن النار وأدخل الجنة: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً).أيها المسلمون، هدف منشود إذا فقده الإنسان فإنه لا يستقر على حال، ولا يسكن إلا قرار، وغاية مبتغاه بدونها صاحبها قلق متبرين مضطرب حائر وأُمنية متمناه إذا لم يحقق طالبها فهو أشبه بحيوان شرس أو سبع مفترس، والمجتمع بدونها كذلك، مجتمع غابة من غير غاية، ولو لمعة فيه بوارق حضارة، أو أثرة تقدم المقاييس فيه للأشد والأقوى وليس للأصلح والأتقى، هدفٌ وغايةٌ وأُمنية يطلبها كثيرون في غير موضعها، ويتطلبها متطلبون من غير مضامها، جربوا ألوان من المتع، وصنف من الشهوات فما وجدوها، حسبها قومٌ في الغنى ورغد العيش، وظنها آخرون في الجاهِ والمقام العريض، واعتقدها فئاتٌ في حسن العلوم والمعارف، خاض في البحث عنها العلماء والفلاسفة والأغنياء والفقراء والملوك والوجهاء، إنها يا عباد الله، السعادة والطمأنينة والرضا والسكينة، ما أعظم الفرق بين رجلين؟ أحدهما عرف الغاية وطريقها فاطمأن واستراح، وآخر ضال يخبط في عماية ويمشي إلى غير غاية، لا يدري كيف يسير، لا يدري كيف المسير، ولا إلا أين المصير: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، كم من صاحبِ مال وفير وخير كثير؟ تجلى رضاه وطمأنينته وقناعته في تحرِ الحلال، وأداء حق الله فرضاً وندبا، أعطي الأجر أجره، ولم يذل نفسه من أجل مال أو جاه، وآخر عنده ما يكفيه ولكن قد ملئ الطمع قلبه وانتشر التسخط بين جوارحه، جزعٌ من رزقه، متسخط على خالقه، يبث شكواه للمخلوقين: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً).معاشر الأحبة، الرضا نعمة عظيمة يبلغه العبد بقوة إيمانه بربه، وحسن اتصال به، ينالها بالصبر والذكر والشكر وحسن عبادة، وقد خاطب الله نبيه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى)، وفي الحديث الصحيح: "ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولاً" رواه أحمد ومسلم والترمذي.الرضا أيها الأخوة، باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، ومستراح العارفين، وحياة المحبين، ونعيم العابدين، وقرة عيون المشتاقين، الرضا سر السعاة، وطريق السكينة، وجادة الطمأنينة، الرضا شجرة منبتها النفس.يا عبد الله، السعادة والرضا ليس بكثرة المال، ولا عظم الجاه، ولا كثرة الولد، ولا بنيل المتع والمنافع، الرضا يحد من سوءة الحرص والطمع، وطغيان الشرئة والجشع، ويرشد الأخذ بالأسباب، اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فالغنى ليس بكثرة العرب إنما الغنى غنى النفس، الرضا يوقف الراضي عند حدود قدراته ومواهبه، ويبصره بأقدار الله، فلا يتمنى ما لا يتيسر له، ولا يتطلع إلا ما لا يستطيع، فالشيخ لا يتمنى أن يكون شابا، ورجل جميل لا يتطلع إلا أن يكون جميلا: (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ)، يقول عطا: الرضا سكون القلب، باختيار الله العبد وأن ما اختاره الله له هو الأحسن فيرضى به، وسئل أبو عثمان البيكندي عن الرضا فقال: من لم يندم على ما فات من الدنيا ولم يتأسف عليها، وقال بعض الحكماء: من رضي بقضاء الله لم يسقطه أحد، ومن قنع بعطائه لم يدخله حسد، ويقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ارض بما قسم الله تكن أغنى الناس، واجتنب محارم الله تكن أروع الناس، وأداء ما فرض الله تكن أعبد الناس، وقيل للحسين بن علي رضي الله عنهما: إن أبي ذر رضي الله عنه يقول: الفقر أحب إلي من الغنى، والسقم أحب إلي من الصحة، فقال الحسين رضي الله عنه: رحم الله أبا ذر، أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار الله لم يتمنى خيرا ما اختاره الله له، الرضا قناة وثقة ويقين، من قنع فقد رضي ومن رضي فقد قنع، وفي الحديث: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَم َوَرُزِقَ كَفَافاً وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ".أيها المسلمون، السعادة والرضا إيمان بالله ورسوله، ورضا نفس وانشراح صدر، المؤمن يغمره الرضا، لأنه عميق الإدراك لفضل الله العميل وإحسانه العظيم، إحساسه بنعم الله في نفسه، وهي نعم لا يحصيها في سمع وبصره ويده وقدمه ومخه وعظمه وطعامه وشرابه ونومه ويقظته وأهله وفي شأنه كله، المؤمن يرى ويشاهد نعم الله ورحماته في كل ما حوله: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ)، المؤمن مطمأن، الراضي يلهج بذكر الله ويستشعر نعم الله، الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفنا وأوانا وجعلنا مسلمين، الحمد لله الذي كساني ورزقني من غير حولٍ مني ولا قوة، والحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني، اللهم إني أصبحت منك في نعمة وعافية وستر فأتمَّ عليَّ نعمتك وعافيتك وسترك في الدنيا والآخرة، اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر فالحمد لله رب العالمين، والحمد لله على كل حال، هذا هو المؤمن يغمره الرضا، والطمأنينة والسعادة في كل حين وعلى كل حال، متعلق بربه راضين عنه، مطمأن إليه، يتلقى ويتقبل أقدار الله في نعمائها وبأسائها، والدنيا وتقلباتها في إقبالها وفي إدبارها، ويعلم علم اليقين أن الله يريد عباده اليسر ولا يريد بهم العسر: (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، المؤمن الراضي السعيد موقن أن الله معه فهو في معية الله يحفظه ويكلأه "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِى"، (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)، إن شعور المؤمن بمعية الله يجعله في أُنس دائم ونعيم موصول، المؤمن وحده هو الذي يغمره الإحساس بالرضا بكل قدر من أقدار الله، فهم مؤمن أن تدبير الله أفضل من تدبيره لنفسه، المؤمن يملئ الرضا جوارحه لأنه يعلم أن الخير بيد ربه، والشر في هذه الدنيا لا يناقض الخير ولا يعارضه بل قضت سنة الله أن لا يكون صبرٌ إلا مع شكر، ولا كرمٌ من غير حاجة، ولا شجاعة من غير مخاطرة، فالفضائل والخيرات لا تظهر إلا بأضيادها، فالشبع مع الجوع والري مع الضما، والدفء مع البرد، وما عرفه المؤمن من حكمة الله في خلقه وأسرار كونه وآياته فهو بفضل الله وما خفي سلمه لربه العليم الخبير هذا هو نهج أولي الألباب: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً).عباد الله، وليس شرط الرضا أن لا يحس السعيد بالألم والمكارة؛ بل المطلوب أن لا يعترض على مجال الأقدار، ولا يتسخط من الحوادث والنوازل، فهو راضي كرضا المريض بشرب الدواء مر لأنه يعلم العاقبة ويرجو العافية، والرضا والقناعة لا تمنع التجار من تنمية تجارته، ولا الموظف من التطلع إلى الترقي في وظيفته، ولا العامل في تحصيل مرتبه، ولا أن يضرب المسلم في الأرض ليستزيد من فضل الله ورزقه، إنما الممنوع التسخط والتبرم، كما أن أثر المادة في الرضا والسعادة غير منكور على حد قوله صلى الله عليه وسلم : "مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبَ الصَّالِحُ" رواه احمد بسند صحيح من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.وبعد عباد الله، فالسعادة ينبوعٌ يتفجر من القلب والنفس الكريمة الراقية التقية الطاهرة، نفس سعيدة أينما حلت في السوقِ أو في الدور، في البراري أو بين الصخور، في الأنس والوحشة، في المجتمع وفي العزلة، فمن أراد السعادة فليسأل عنها نفسه التي بين جنبيه، وما هذه الابتسامات ومظاهر السرور التي ترى وتتلألأ من أفواه المحزونين، والمتألمين، والفقراء والمساكين ليس لأنهم سعداء في عيشهم؛ بل لأنهم سعداء في أنفسهم، وما هذه الزفرات والآهات المتصاعدة من صدور الأغنياء والمعسرين وذو الوجهات والمترفين لأنهم أشقياء في معاشهم؛ بل لأنهم أشقياء في أنفسهم، فلا تطمع رحمك الله ولا تهلع، ولا تجزع، ولا تفكر فيما لا وصول إليك، ولا تحتقر من فضله الله عليك، واعلم أن كل شيء بقضاء وقدر والله أعلم بشؤون خلقه، يعز ويذل ويرفع ويضع ويعطي ويمنع فهو الذي أقنى وأضحك وأبكى، ومن رضي طاب عيشه، ومن تسخط طال عيشه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،. نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم. وبهدي محمد صلى الله عليه وسلم، وأقولٌ قولي هذا واستغفر الله لي لكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.الخطبة الثانية:. الحمد لله، الحمد لله الكريم الفتاح، أحمده سبحانه فاق الحب والنوى والإصباح، وأشكره على نعمه تتجدد بالغدو والرواح، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً هي للجنة مفتاح، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبدُ الله ورسوله بين لأمته سبيل الفلاح، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ذي الجود والكرم والسماح، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما سجى ليل وأشرق صباح، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:أيها المسلمون، وإن من مظاهر الرضا والطمأنينة والسكينة ما تعيشه بلادنا بلاد الحرمين الشرفيين، المملكة العربية السعودية من آمن وإيمان، ما تتطلع به من أدوار ومسئوليات نحو شعبها ومواطنها والمقيمين على أرضها، ونحو أشقاءها وأصدقائها، ومن مظاهر ذلك ما يقوم بها مثولها ودبلوماسيوها من مهام ومسئولياتٍ في كل بلاد يحلون فيها، سواء في مناطق آمنه أو في مواقع مضطربة متوترة جاعلين في أولوياتهم مراقبة الله وتقواه ثم القيام بمسئولياتهم متجاوزين التحديات مستسهرين الصعاب أعانهم الله وسددهم وبارك في جهودهم وأعمالهم، وإن مما يؤسف له ما تعرض له الدبلوماسي السعودي الأستاذ: عبدالله الخالدي الذي يعمل في اليمن الشقيق فقد تعرض للاعتداء وخطف فك الله أسره وأعاده إلينا آمناً سليماً معافى.معاشر الأخوة، عن القيام بخطف إنسان بريء أعزل دليل عجز وإفلاس وتخبط وتشتت، وهو خلق إجرامي من تنظيم إجرامي تتولاه شرذمة ضالة تقتات على الحقد وتمارس الجريمة وتستهدف أمن الديار والشعوب وتلقي بنفسها في أحضان الأعداء، أعداء أهلها ودينها وبلادها شرذمة شريرة طريدة، ألعوبة في أيدي الناقمين على بلادنا في أمنها وإيمانها، واجتماع كلمتها والتفافها حول قيادتها فئات ضالة تلقفهم الأعداء فاتخذوهم مطايا وجسوراً لتنفيذ مخططاتهم، يعيشون في الكهوف وشعاف الجبال، وبطون الأودية، في شقاء وبلاء ومخادعة للنفوس وضياع للأعمار وإفناء للشباب، يعانون من أزمات عاصفة ويشبعون نزعات إجرامية بل أنهم يعكسون حالة الانهيار في دواخلهم مشردون كلما وجدوا (مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ)لا قرار لهم ولا إرادة في تجمعات بائسة وتصرفات يائسة، أما أحكام الدين فهم منها براء بل إنهم لا يقيمون لتعاليم الإسلام وزنا وهم يزعمون أنهم يحتكمون إليها، هالاختطاف للمسالمين العزل من الدين في أحكام الإسلام إذا كان المسلمون في أرض المعركة وفي حال القتال والمواجهة وحين يكون الوطيس حاميا فإن المقاتلين المسلمين ممنوعون من أن يقتلوا وليدا أو امرأة أو شيخاً أو يمثلوا بآدمي أو بهيمة أو يقطعوا شجرة أو يغدروا أو يغلوا هذا في عموم الناس، أما الرسل وهم السفراء والممثلون والمندوبون والقناصل فالحال أشد منعا، وحينما جاء رسولا مسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما: "أتشهدا إني رسول الله"؟ قالاً: أتشهد أن مسيلمة رسول الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آمنت بالله ورسله لو كنت قاتلاً رسولا لقتلتكما"، قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: فمضت السنة أن الرُسل لا تقتل أخرجه أحمد في مسنده، وهؤلاء يخطفون ويقتلون في مخالفة صريحة في أحكام الله وأحكام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وإفساد في الأرض وانتهاك للحرمات، يجمعون بين الجهل بدين الله وظلم عباد الله، وأيَّ جهل واضطراب وعبث أشد بما من المطالبة بتسليم نساء إلى خارج بلادهن في تعدي صريح على أحكام الشرع ثم على حقوق أهلهنَّ ومحارمهم.إخوتنا وأحبتنا، أما دولتنا فموقفها ثابت وواضح ، حكيم، عادل فهي ترفض الابتزاز، ناهيكم إذا كان من فئات إرهابية إجرامية، والمملكة لا يمكن أن تساوم على عدلها القضائي وحكمها المتين وسياستها الراشدة، ولن تسلم مواطنيها لجهات مشبوهة أو مجهولة بل تسلمهم لأهلهم وذويهم في ظل وطنهم الآمن العادل البلد الذي يقيم الشرع ويرفع راية الكتاب والسنة دستورا وعملا ولا ندعي الكمال والعصمة، أما وزارة الداخلية في بلادنا فكم كانت حصيفةً حين فضحت هؤلاء الشرذمة حين أذاعت الحديث الهاتفي الدائر بين أحد الخاطفين والسفير السعودي ليتجلى ما يعيشه هؤلاء الضالون من اضطراب وتشتت وإجرام وسوء تدبير، لقد أوضحت هذه المكالمة ما فيه هؤلاء من تراجع وإفلاس وضعف وتشتت وتخبط قد جفت منابعهم، وقتل رؤسائهم، ونبضت مصادر تمويلهم، وإننا من هذا المنبر نصحاً وشفقةً وقربة إلى الله عز وجل ندعوهم إلى التوبة والإنابة ومراجعة النفس، والعودة إلى طريق الحق والهدى المستقيم ونبذ الشر والفساد والإفساد والضلال، ومن قبل ناداهم أولي الأمر ليعودوا إلى رشدهم والى بلادهم التي تحتضنهم وتؤويهم، كما ناداهم العلماء والدعاة والخطباء وأهل الرأي، وناداهم كل غيور ومحب؛ بل لقد ناداهم أبائهم وأمهاتهم وأزواجهم فهل يفقهون؟ ويتذكرون؟ ويرجعون؟ اللهم أهدي ضال المسلمين، اللهم أهدي ضال المسلمين وبصره بحق، وحفظنا اللهم من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا، ونعوذ بعظمتك اللهم أن نغتال من تحتنا.. ألا فتقوا الله رحمكم الله، فإن القلب متى خالطته بشاشة الإيمان واقتحلت بصيرته بحقيقة اليقين، وحي بروح الوحي، وانقلبت الأماره بالسوء راضية مطمئنة فقد رضي كل الرضا، والسعيد من رضي بما عنده، وقنع بما لديه، ومن أطاع مطامعه استعبدته.هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المجداه نبيكم محمد رسول الله فقد أمركم بذلك ربكم فقال في محكم تنزيله قولا كريما وهو الصادق في قيله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبينا محمد الحبيب المصطفى والنبي المجتبى وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللَّهُمَّ عن الخُلفاء الأربعة الراشدين أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابة أجمعين، والتَّابِعين، ومن تابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وجودِك، وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللَّهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، اللَّهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، اللَّهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وحمي حوزة الدين، وخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الملة والدين، اللَّهمَّ أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللَّهمَّ وليتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللَّهمَّ وفق إمامنا وولي أمرنا بتوفيقك وعزه بطاعتك وأعلي به كلمتك وجعله نصرة للإسلام والمسلمين، وأمد في عمره على طاعتك واجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين، اللَّهمَّ وفقهم ونائبه وإخوانه وأعوانه لما تحبه وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، اللَّهمَّ وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، وجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين، اللَّهمَّ أحفظ إخواننا في سوريا، اللَّهمَّ أحفظ إخواننا في سوريا، اللَّهمَّ أجمع كلمتهم وحقن دماءهم، فهم مصباح الصباح ورمز الثبات وصور البسالة، صورة بسالة وعزه أخجلت القريب والبعيد، اللَّهمَّ أحفظهم اللَّهمَّ أحفظهم، واجمع كلمتهم، وحقن دماءهم وحفظ أعراضهم، وأطعم جائعهم، اللَّهمَّ وشفي مريضهم ورحم ميتهم، وأوي شريدهم، اللَّهمَّ فك حصارهم وربط على قلوبهم وثبت أقدامهم ونصرهم على من بغى عليهم، اللَّهمَّ واجعل لهم من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية، اللَّهمَّ أعنهم ولا تعن عليهم، وانصرهم ولا تنصر عليهم، اللَّهمَّ عليك بالطغاة الظلمة في سوريا اللَّهمَّ إنهم قد طغوا وبغوا وآذوا وأفسدوا وأسرفوا في الطغيان، اللَّهمَّ عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللَّهمَّ اجعل تدميرهم في تدبيرهم واجعل دائرة السوء عليهم يا قوي يا عزيز، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ) (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).عباد الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.