كيف تكون بداية طلب العلم

السؤال: 
كيف يبدأ طالب العلم بتحصيل العلم أو علم الحديث أرجو أن تكون الإجابة مفصلة ؟
الإجابة: 
هذا سؤال جميل وسؤال طيب في الحقيقة فيما يتعلق بطريقة بداية طلب العلم ومهم جداً أن يحرص المبتدئ أن يكون بدايته من إرشاد يعني أهل من له خبرة من طلبة العلم ، وأهم ما ينبغي أن يهتم به المبتدئ طبعاً لا شك أولاً هو الإخلاص ، والحرص ، وطول الزمان ، كما قال الإمام الشافعي في آبياته المعروفة : أخي لن تنال العلم إلا بستة ... سأنبيك عن تفصيلها ببيان ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ... وإرشاد أستاذ وطول زمان فهذه معروفة على كل حال ، لكني أرى أن الإخلاص لا شك هو أولها ومنتهاها ، أن يجتهد أن يخلص العبد طلبه للعلم لله ، وإن كان أحب أن أنبهكم قليلاً ، وإن كان في خاطر طالب العلم أنه يحب أن يكون عالماً كبيراً إن شاء الله وأن يشار إليه بالبنان ، هذه أمور لا تتنازع ولا تتعارض مع الإخلاص ، ولهذا علماء السلف رحمهم الله قالوا : (طلبنا العلم للدنيا فأبى إلا أن يكون لله) ، فقضية ورود على ذهن الإنسان أن يكون عالم كبير ، أو أنه تتحلق حوله الحلقات ، هذه خواطر قد لا يستطيع دفعها لكنه يجتهد في الإخلاص ، لكن المهم يا إخواني أن يكون طلب العلم عن طريق العلماء ، مهمٌ جداً في السنوات الأولى أن تكون عن طريق العلماء الثقات الأثبات ، هذا مهمٌ جداً ، يعني قضية أن يطلب العلم عن طريق الكتاب أو عن طريق الأقراص أو عن طريق السيديهات أو عن طريق الأشرطة هذا جيد ومفيد ، أنا لا أقول أنه غير مفيد ، لكنه لا يكتفى به ، لأن الحضور عند الشيخ له عدة أمور في التركيز وفي التوجيه وفي التنبيه ، وأيضاً عادة فيه أجواء معينة من التحصيل أثناء الحضور تختلف عن مجرد أن تسمع من شريط أو تسمع من قرص أو من سيدي أو غيره ، لا ، الجو يختلف تماما سواءً انفعالات الشيخ وما حوله ، يختلف تماماً ، ناهيك أيضاً عن التوجيهات المباشرة لأنه قد يرد عليك سؤال تسأل ، يرِد عليك استشكال تستشكل ، يرِد عليك شبهة تسأل ، مع شيءٍ قد يكون غير منظور يضعه الله عز وجل في الحلقة ، تتنزل السكينة ، تغشى الرحمة ، ويذكرهم الله فيمن عنده ، هذه قضايا غير منظورة ويجب أن يسعى إليها طالب العلم ، ثم أيضاً ينبغي أن يبتدئ بصغار العلم وهذا مهم جداً ، كثيرٌ من الناس يستعجل ، أبداً ، ابتدءوا بصغار العلم ، أن يتربى بصغار العلم قبل كباره ، وصغار العلم يأخذ سنوات يا إخوان فلا تستعجلوا ، نعم قد يكون هناك بعضكم عنده مواهب من حيث الذكاء ، ومن حيث القدرة ، والتحصيل ، بعضهم أسرع ، وهذا صحيح ، قد يكون الإنسان يُنجز في سنة ، وغيره يُنجز في ستة أشهر ، وهذا وارد جداً لا شك اختلاف المواهب والملكات والقدرات هذا مقدر جدا، وأيضاً أن يطيل النفس ، لا تستعجل أبداً ، ولا تستكبر وتظن أنك بلغت ، مهما بلغ علمك لا تظن أنك بلغت ، مهما أعطاك الله من موهبة ، مهما حفظت من متون ، مهما حفظت ، هذه تبقى ، احرص على أن تنظر لنفسك وكأنك صغير حتى ولو بلغت في العلم عشر سنوات ، عشرين سنة ، اجتهد في أن تُحكم زمام نفسك في استصغار نفسك مهما حصلّت ، ومهما تحدث الناس عنك ، ومهما انعقدت حولك الحلقات والطلاب ، وأيضا اجعل من نفسك أنك دائماً محتاجاً للعلم ، العلم لا ينتهي ، من ظن أنه قد علِم فقد جهِل ، هذه اجعلها نُصب عينيك ، من ظن أنه قد علِم فقد جهِل ، العلم لا ينتهي ، والله عز وجل قال في كل علوم أهل لدنيا والبشرية كلها خاطبهم جميعاً (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) ، كل علوم أهل الأرض بالنسبة لعلم الله تعالى قليلة ، وأيضا فيما يصل إلى البشر هو قليل ، فاجتهدوا في هذا جزاكم الله خيراً .