التقرُّب إلى الله
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَنْ يهده الله فلا مضلَّ له، ومَنْ يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةَ تحقيقٍ وإخلاصٍ، تُنجي برحمة الله من عذاب النار، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبد الله ورسوله، جاء بالحنيفية السمحة؛ فرفع الأغلال والآصار. صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله الطيبين الأطهار، وأصحابه نجوم الأقطار، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا ما تعاقب الصيام والإفطار.أما بعد:فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عزَّ وجل، فاتقوا الله رحمكم الله، وعَفِّرُوا في السجودِ وُجُوهَكم، واحتسبوا ظمأ الهواجر، أَحِبُّوا المساكين واليتامى وأدنوهم من مجالسكم، صِلوا أرحامكم ولو جفوكم، وقولوا الحق ولو كان مُرًّا، وأحسنوا وأنفقوا؛ فالقوة في كف الأذى وبَذْل النَّدى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].أيها المسلمون:شهر رمضان المعظَّم أنس المجتهدين، ورياض المتهجِّدين، وقرَّة عيون المتعبِّدين، يشمِّر فيه للعبادة المتَّقون، ويتنافس في فضائله المتنافسون.صومه جُنَّة، وفيه تغلَّق أبواب النار، وتفتَّح أبواب الجنة، يُغْفَر لمَنْ صامه أو قامه إيمانًا واحتسابًا؛ {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا} [النبأ: 36].أمل المسلمين عظيمٌ بتحرِّي ليلة القدر؛ ليفوزوا بحطِّ الأوزار وعظيم الأجر: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 2 - 3].إنه الشهر الكريم؛ يستبشر المسلمون بقدومه، ويتبادلون الدعوات بشهوده، في مشاعر مشتركة من الفرح، والآمال الكبار باليُمْن والخير والبركة، والتوفيق والقبول والمغفرة، والفوز بالجنة، والعِتْق من النار، والحزن على فراقه ووداعه.أيها المسلمون:ومع هذا الاستبشار والأمل، وحلول مواسم الخيرات وفُرَص النَّفحات - كم قلوب العباد بحاجة لذكرى وعظات تَلِينُ لها قلوب المُخْبِتين، وتَرِقُّ لها أفئدة الخاشعين، وتَنْقَشِع بها غيوم الغفلة عن الغافلين، وترتفع بها سواتر الحُجُبِ عن اللاهين!!أين يفرُّ الفارُّون من الله وكلُّهم في قبضته؟! وكيف يُشكَر غيرُ الله وما بالخلائق من نِعَمٍ فَمِنْ جوده وكرمه؟! وإلى مَنْ يرجع الخائفون وكلهم محفوظٌ بعنايته ورحمته؟!لو علم القاعدون ماذا أضاعوا وكم أضاعوا؟! كم من قريبٍ أبعده التباعد! ولا يزال أقوامٌ يتأخَّرون حتى يؤخِّرهم الله.يا عبدالله:. لن تجد طعم العافية حتى تكون على الطاعة مقيمًا، ولِذِكْر الله مديمًا فعالج مرض المخالفة بالتوبة، وداوِ داء الغفلة بالإنابة.لا يُؤنِسُ في وحشة القبر إلا العمل الصالح، ولا يقي من عذاب النار إلا نور الإيمان، ولا تَثْبُت القدم على الصراط إلا بالاستقامة على الهدى.مَنْ سلك سبيل أهل السلامة سَلِم، ومَنْ لم يقبل نُصْحَ الناصحين نَدِم، الكرامة كرامة التقوى، والعزُّ عزُّ الطاعة، والأنس أنس الإحسان، والوَحْشَة وَحْشَة الإساءة، ومَنْ أَحْسَنَ الظنَّ أَحْسَنَ العمل.أيها المسلمون:استعيذوا بالله أن تمرَّ بكم مواسم الخيرات وساعات النفحات، ثم لا تزدادون هدى، ولا ترتدعون عن الرَّدى، وحذارِ ثمَّ حذارِ أن يكون المرءُ ممَّن طُبِعَ على قلبه وسمعه: {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} [الجاثية: 23].معاشر الأحبة:جعل الله لبعض الأيام فضلاً، ولبعض الشهور منزلةً، أقسم بالعَشْر، وجعل ليلة القدر خير من ألف شهر، وما من موسمٍ من هذه المواسم الفاضلة إلا ولله فيه وظيفة من وظائف طاعاته، ولطيفة من لطائف نفحاته، يصيب مَنْ يَمُنّ عليه بفضله ورحمته.والسعيد - وربّكم - مَن اغتنم مواسم الفضل وأيام البركات، ونافس في الطاعات، فعسى أن يصيب نفحةً وبركةً، يكتب الله له بها سعادةً لا يشقى بعدها أبدًا.فأحيوا - أثابكم الله - هذه الليالي الداجية، بقلوبٍ خائفةٍ راجية، وعيونٍ باكية، وآذانٍ واعية، واطلبوا في همةٍ عالية، سلعةَ الله الغالية.فالغنائم الغنائم قبل الفوات، والعزائم العزائم قبل الندم والحسرات.شهركم هذا شهر عمارة المحراب، وتلاوة الكتاب، تُعمَر فيه المساجد، ويغبط فيه الراكع والساجد، والحسرة للكسول القاعد! أيام خيرٍ وفضلٍ وتعبُّد، تَرِقُّ فيها القلوب، وتُغفَر فيها الذنوب، وتتجافى عن المضاجع الجُنُوبُ.ألا فجِدُّوا - رحمكم الله - وأَرُوا الله من أنفسكم خيرًا؛ فإن شهركم قد أخذ في النقص والانصرام، فمَنْ أحسن فعليه بالتمام، ومَنْ فرَّط فليختم بالحسنى؛ فإن العمل بالختام.وإن من أفضل الأعمال أداء ما افترضه الله، والورع عمَّا حرَّم الله، وصدق النيَّة مع الله، وفي الحديث القدسي: ((وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبُّ إليَّ مما افترضته عليه))، ومن بعد الفرائض يكون التقرب النوافل، والبُعْد عن المكروهات بعد المحرَّمات، وفي الحديث: ((ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبّه))، ومَنْ أحبَّه الله أعانه على طاعته والاشتغال بذكره؛ فحسن له القرب منه، والزُّلْفى لديه، والحُظْوَة عنده.ومن أعظم ما يتقرَّب به إلى الله: ذِكْرُه سبحانه وتعالى، ذِكْرٌ يتواطؤ عليه القلب واللسان، وفي الحديث القدسي: ((أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خيرٍ منه))؛ متَّفقٌ عليه، وفي التنزيل العزيز: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152].فيالسعادة مَنْ لا يزال لسانه رطبًا من ذِكْر الله.وتقرَّبوا - رحمكم الله - بقيام الليل؛ فإن: ((مَنْ قام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه))، وعليكم بكثرة الإحسان والصَّدَقة، فقد كان نبيكم محمدٌ - صلَّى الله عليه وسَلَّم - ((أَجْوَدَ الناس بالخير، وكان أَجْوَدُ ما يكون في شهر رمضان))؛ أخرجه مسلم.ويقول الإمام الشافعي - رحمه الله -: "أحبُّ للرجل الزيادةَ بالجود في شهر رمضان"؛ اقتداءً برسول الله - صلَّى الله عليه وسَلَّم - لحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم، و((مَنْ فطَّر صائمًا؛ كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا))؛ أخرجه الإمام أحمد.. عباد الله:ومما يجمع لكم ذلك كله: طهارة القلب، وسلامة الصدر ممَّن يريد محبَّة الله ومحبَّة عباده، فإنك ترى أقوامًا طُهرًا صالحين، بريئةً أيديهم، طاهرةً قلوبهم، يتحابُّون بجلال الله، يُنيبون إلى ذِكْره، ويغضبون لمحارمه، ويتلطَّفون مع عباده، تمتلئ قلوبهم بمعرفة ربِّهم وخشيته، وعبادته ومحبته، وتعظيمه ومهابته، وإجلاله والأُنْس به والشوق إليه.قال بعض السلف: "تعوَّدوا حبَّ الله وطاعته؛ فإن المتَّقين تعوَّدوا حبَّ الله وطاعته، فإن المتقين أَلِفوا الطاعة؛ فانصرفت جوارحهم عن غيرها".ألا فاتقوا الله رحمكم الله - فشهركم هذا نفيس، لا قيمة له فيُباع، ولا يُستدرك منه ما ضاع.لقد جَدَّ الجادُّون؛ فلا ترضوا لأنفسكم بالدُّون، واعملوا وجدُّوا وشمِّروا حسب الطاقة والاستطاعة، فمَنْ عَجَزَ بالليل كان له بالنهار مُسْتَعْتَب، ومَنْ عَجَزَ بالنهار كان له بالليل مُسْتَعْتَب، والمؤمن العاقل المحاسِب نفسه قد ينسى بالليل ويذكر بالنهار، وينسى بالنهار ويذكر بالليل.ولقد جاء رجلٌ إلى سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال له: لا أستطيع قيام الليل! قال: "فلا تعجز بالنهار"، والمغبون مَنْ غُبن خير الليل وخير النهار.فاستودعوا أيامكم - رحمكم الله - فاستودعوا أيامكم هذه الصالحات، فإن العمر منتقصٌ وزائلٌ، ولا تفوتكم الفُرَص، فيا وبال الغافل.متى يُغفر لمَنْ لم يُغفر له في رمضان؟! ومتى يُشفى مَنْ لم تَشْفِهِ آيات القرآن؟!ومن أنفع أيام المؤمن: ما ظن أنه لا يدرك آخِره، وحقيقة الزهد: قِصَر الأمل، والموت معقودٌ بالنواصي، والدنيا تُطوى من ورائكم.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: 9 - 11].نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهَدْي محمدٍ - صلَّى الله عليه وسَلَّم – وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.الخطبة الثانيةالحمد لله؛ أَرْشَدَ النفوس إلى هُداها، وحذَّرها مِنْ رَداها، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9، 10].أحمده سبحانه وأشكره على نعمٍ لا تُحصى، وآلاءٍ لا تتناهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رضينا به ربًّا وإلها، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبد الله ورسوله، أعلى الخَلْق منزلةً وأعظمهم عند الله جاهًا، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابه ما طلعت شمسٌ وضحاها، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.أما بعد، أيها المسلمون:ومع حديث الاجتهاد والمحاسبة والفُرَص والنَّفحات - فإن شهر رمضان موسمٌ عظيمٌ من مواسم الخير، وزمنٌ شريفٌ من أزمنة النَّفحات، يغتنمه الأتقياء الصالحون بالاستزادة من صالح العمل، ويُلقي بظلِّه الظَّليل على العُصاة الغافلين، والمقصِّرين، فيتذكَّرون ويندمون ويتوبون؛ فالسعيد السعيد مَنْ كان شهره مجدِّدًا للعَزْم والطاعة، وحافزًا للتمسُّك بحبل الله، وفرصةً للتزوُّد بزاد التَّقوى، حاديه لذلك وسائقه همَّةٌ عاليةٌ، ونفسٌ أبيَّةٌ، لا ترضى بالدُّون من العَزْم والعمل.يقول ابن القيم - رحمه الله -: "إذا طَلَعَ غَيْم الهمَّة في ليل البطالة، وأَرْدَفَه نور العزيمة - أشرقت أرض القلب بنور ربِّها".على أنه ينبغي - أيها المسلمون - لذَوِي الهِمَم العالية وطلاب الكمالات - أن يعرفوا الطبيعة البشرية والضعف الإنساني، {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 27 - 28].وفي مثل هذا يقول بعض أهل العلم والحكمة: "إنَّ من الخطأ والخَطَل أن ينزع الرجل إلى خَصْلَةٍ شريفةٍ من الخير، حتى إذا شعر بالعجز عن بلوغ غايتها انصرف عنها، والتحق بالطائفة الكسولة التي ليس لها هِمَّة في هذه الخَصْلَة! ولكنَّ الطريق الصحيح، ونَهْج الحكمة، ومنهج السعادة - أن يذهب في هِمَّته إلى الغايات البعيدة، ثم يسعى سَعْيَها، ولا يقف دون النهاية إلا حيث يُنْفِذُ جَهْدَه، ويَسْتَفْرِغُ وسْعَهُ".ألا فاتقوا الله - رحمكم الله - واعلموا أن إدراك هذا الشهر والإحسان فيه نعمةٌ عظيمة، وفضلٌ من الله كبير، لا يحظى به ولا يوفَّق إلاَّ مَنْ مَنَّ الله عليه بجوده وإحسانه، وفتح عليه أبواب الخيرات.فنافسوا - رحمكم الله - في الطاعات، وازدادوا من الصالحات، وجِدُّوا وتحرَّوا ليلة القَدْر، وتعرَّضوا لنفحات ربِّكم؛ تقبَّل الله منَّا ومنكم الصيام والقيام وسائر الطاعات.ثم صلُّوا وسلِّموا على الرحمة المُهْداة، والنِّعْمَة المُسْداة؛ نبيكم محمد رسول الله؛ فقد أمركم بذلك ربُّكم؛ فقال - عزَّ قائلاً عليمًا - في محكم تنزيله قولاً كريمًا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك؛ نبيّنا محمد، صاحب الوجه الأَنْوَر، والجبين الأَزْهَر، والخُُلُق الأَكْمَل، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمَّهات المؤمنين، وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين، والأئمة المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك يا أكرم الأكرمين.اللهمَّ أعزَّ الإسلام والمسلمين، واخْذُلِ الشِّرك والمشركين، واحمِ حَوْزَة الدين، وانصر عبادك المؤمنين.اللهمَّ آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمَن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.اللهمَّ وفِّق إمامنا ووليَّ أمرنا بتوفيقك، وأعزَّه بطاعتك، وأَعْلِ به كلمتك، وانصر به دينك، واجمع به كلمة المسلمين على الحقِّ والهدى يا ربَّ العالمين، اللهمَّ وفِّقه ونائبه وإخوانه وأعوانه إلى ما تحبُّ وترضى، وخُذْ بنواصيهم للبرِّ والتقوى.اللهمَّ وفِّق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وسنَّة نبيِّك محمد - صلَّى الله عليه وسَلَّم – واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم على الحقِّ والهدى يا ربَّ العالمين.اللهمَّ وهيِّئ لأمَّة الإسلام أمرَ رشدٍ، يُعزُّ فيه أهل الطاعة، ويُهدى فيه أهل المعصية، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيءٍ قدير.اللهمَّ ارفع عنَّا الغلاء والوباء، والرِّبا والزِّنا، والزلازل والمِحَن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين، يا ربَّ العالمين.اللهمَّ إنَّا نسألك خشيتك في الغَيْب والشَّهادة، وكلمة الحقِّ في الغضب والرِّضا، والقَصْدَ في الفقر والغنى، والرِّضا بعد القضاء، وبَرْدَ العَيْش بعد الموت، ونسألك نعيمًا لا يَنْفَد، وقرَّة عينٍ لا تنقطع، ونسألك لذَّة النَّظر إلى وجهك الكريم، والشَّوق إلى لقائك، في غير ضرَّاء مضرَّة، ولا فتنةٍ مضلَّة.اللهمَّ زيِّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هداةً مهتدين، لا ضالِّين ولا مُضلِّين.اللهمَّ إنَّا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرُّشد، ونسألك شكرَ نعمتك وحسن عبادتك، ونسألك قلوبًا سليمةً وألسنةً صادقةً، ونسألك من خير ما تعلم، ونعوذ بك من شرِّ ما تعلم، ونستغفرك لما تعلم.اللهمَّ اشفِ مرضانا وارحم موتانا، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميِّتين.{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23].{رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201].عباد الله:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يَزِدْكم، ولَذِكْرُ الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.